القاهرة - مباشر: ألقى مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري، كلمة خلال فعاليات "القمة العالمية للحكومات 2024" المنعقدة بمدينة بدبي، وسط حضور مؤثر لعدد من رؤساء الدول والحكومات، ورؤساء الوفود المشاركة، وكبار المسؤولين، والخبراء العالميين.
وقال مصطفى مدبولي، في بيان صادر اليوم الأثنين، إن فعاليات القمة العالمية للحكومات تنعقد هذا العام وسط ظرفٍ عالميٍ دقيقٍ، في ظل ما يشهده الاقتصاد العالمي من أزمات متلاحقة وتطورات جيوسياسية مؤثرة ذات انعكاساتٍ تطال جميع الدول.
وأضاف أن تلك التطورات أسفرت عن تحديات وتهديدات لعل من أهمها ما شهده العالم من نوباتٍ تضخميةٍ واسعة النطاق، استلزمت تغييراتٍ في أولويات السياسات الاقتصادية، وعلى رأسها السياسة النقدية؛ باتجاه رفع متلاحق لأسعار الفائدة لمحاربة التضخم، وهو ما نتج عنه تداعيات غير مواتية على النمو الاقتصادي وتمويل التنمية، في العديد من الدول النامية واقتصادات الأسواق الناشئة.
ولفت مدبولي إلى أنه في ظل هذا الظرف الدقيق، تتجسد أهمية "القمة العالمية للحكومات" والتي تنعقد هذا العام تحت شعار "استشراف حكومات المستقبل"؛ بهدف التحديد الدقيق لطبيعة التحديات التي تواجه "حكومات اليوم"، والتفكير المُلهم في آليات مواجهة تلك التحديات، ومن ثم التحرك نحو دورٍ أعمق وأشمل وأكثر كفاءة لـ "حكومات المستقبل".
وأوضح أن حكومات اليوم تواجه العديد من التحديات والتهديدات القائمة للأدوار التقليدية للحكومات، ولعل على رأسها الانعكاسات الاقتصادية للأزمات العالمية المتعاقبة والمركبة والتي أدت إلى موجات تضخمية تعتبر الأعلى على مدار عقود سابقة.
وأشار إلى تراجع ملموس لوتيرة نمو الاقتصاد العالمي والتي من المتوقع أن تبقى خلال العامين الجاري والمقبل أدنى من مستوياتها التاريخية المسجلة خلال الفترة من 2000 - 2019 وفق تقديرات صندوق النقد الدولي، في ظل ارتفاع أسعار الفائدة والحاجة كذلك إلى تشديد السياسات المالية.
وتابع "فيما نتج عن تصاعد التوترات الجيوسياسية، تراجع مستويات التعاون الدولي، وانحسار موجات العولمة في العديد من المجالات، وتشتت وتجزؤ الاقتصاد العالمي، قُدرت كُلفتها بما قد يصل إلى 7% من الناتج الإجمالي العالمي".
وأضاف رئيس الوزراء أن كل تلك التطورات كان لها تأثيرات متصاعدة على تمويل النمو والتنمية الاقتصادية في البلدان النامية واقتصادات الأسواق الناشئة، التي واجهت تحديات غير مسبوقة تمثلت في: ارتفاع ملموس لتكلفة التمويل، وضغوطات على عملاتها المحلية، وتراجع عائداتها من النقد الأجنبي.
واستطرد "كما أثرت على قدرة تلك البلدان على تمويل أهداف التنمية المستدامة في ظل فجوة الاستثمارات المطلوبة لتحقيق تلك الأهداف والتي قُدرت بنحو 4 تريليونات دولار من بينها تريليونا دولار للتحول نحو الطاقة المتجددة، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، علاوة على التهديدات القائمة نتيجة التحولات التي ستشهدها أسواق العمل في هذه البلدان جراء تسارع وتيرة نمو تقنيات الثورات الصناعية، حيث يتوقع أن تتأثر ما بين 25-40 % من الوظائف بانتشار تطبيقات الذكاء الاصطناعي".
كما أكد مصطفى مدبولي، أن الدولة المصرية حرصت - في ظل هذه التحديات غير المسبوقة - وبدعم من قيادتها السياسية الرشيدة على تبني مختلف السياسات اللازمة لمواجهة التحديات السابق الإشارة إليها، كما واصلت مسيرتها نحو تبني العديد من الإصلاحات الهيكلية الداعمة للنمو والتشغيل وعلى رأسها المزيد من تشجيع القطاع الخاص.
وأوضح أنها تُوجت بإطلاق وثيقة سياسة ملكية الدولة بهدف زيادة مشاركة القطاع الخاص في الناتج والتشغيل والاستثمارات والتصدير، الأمر الذي مكنَّ الاقتصاد المصري من الصمود أمام الأزمات المُركبة التي شهدها الاقتصاد العالمي، وأسهم في مجمله في تعزيز مستويات أداء الاقتصاد المصري؛ والذي أظهر خلال السنوات الأربع الماضية قدرة كبيرةً في مواجهة تلك الأزمات، ليُصنَّف من بين عددٍ قليل من اقتصادات دول العالم التي شهدت زيادةً ملموسة في مستويات الناتج المحلي الإجمالي وسط هذه الأجواء، بل وسجَّل في المقابل معدلات نمو بلغت في المتوسط 4.3% خلال الفترة (2020-2023).
وأضاف رئيس الوزراء أن الدولة المصرية لم تغفل في سياق مسيرتها نحو التعزيز المتواصل لمعدلات الأداء الاقتصادي، السعي لبلوغ أهداف التنمية المستدامة 2030، وهو ما عكسه إطلاق استراتيجية التنمية المستدامة "مصر 2030"، وجهود الدولة المصرية في هذا المجال من خلال إطلاق العديد من المبادرات التنموية، على رأسها "مبادرة حيـــاة كريمـــة: مجتمعـــات قرويـــة مُســـتدامة".
ولفت إلى أنها تمثل أكبر مبادرة تنموية أطلقتها مصر وأدرجتها منظمة الأمـم المتحدة علـــى منصـــتها الدوليـــة من بين أفضل الممارسات الدوليـــة المُعـــزِّزة لتحقيق أهداف التنمية المُستدامة، علاوة على ريادة الدولة المصرية عالميًّا لتوطين "النهج المكـاني لأهـداف التنميـة المسـتدامة"، من خلال تلك المبادرة التي تحقق سبعة أهداف مجتمعة من أهداف التنمية المستدامة.
وأشار مدبولي إلى أن الدولة المصرية عملت - في سياق تطلعها إلى المستقبل - على صياغة أولوياتها وتوجهاتها الاستراتيجية خلال الفترة (2024-2030)، والتي تستهدف من خلالها تحقيق نمو اقتصادي قوي وشامل ومستدام ومتوازن، وسط تركيز أكبر على نوعية النمو الاقتصادي، من خلال تعزيز مساهمة كل من الاستثمارات والصادرات في هيكل الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 50%، والتركيز على وتيرة نمو اقتصادي داعمة للتشغيل؛ لتوفير ما يتراوح بين 7 إلى 8 ملايين فرصة عمل خلال تلك الفترة.
وأكد مصطفى مدبولي، أن الدولة المصرية تضع نصب أعينها التركيز على دعم قطاعات اقتصادية دافعة للنمو الاقتصادي، خاصة فى مجالات البنية الأساسية بما يساعد فى جذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية.
ولفت إلى أن تلك الجهود أسفرت مؤخراً عن تقدم مصر في العديد من المؤشرات الدولية ذات الصلة ومن بينها - على سبيل المثال - تقدمها في مؤشر جودة الطرق بنحو مائة مرتبة، مضيفاً أن الدولة المصرية تستهدف أيضاً مواصلة جهود التطوير الشامل للبنية اللوجستية للاقتصاد المصري، علاوة على حرص الدولة المصرية في هذا السياق على توسيع نطاق المشاركة بين القطاعين الحكومي والخاص في الجهود المستقبلية لتنمية البنية التحتية، من خلال تطوير نماذج شراكة ناجحة بين القطاعين العام والخاص.
وأوضح أنه يوجد حاليًّا أكثر من 1000 شركة من شركات القطاع الخاص تشارك في مشروعات وطنية عملاقة تسهم في تعزيز جهود تنمية البنية التحتية في مصر والتي نجحت خلال الفترة الماضية في إيجاد 5 ملايين فرصة عمل.
وأضاف مدبولي أن الدولة المصرية تهتم أيضاً بوجه خاص بتطوير البنية التحتية لمدن الجيل الرابع بهدف الارتقاء بمستويات التطوير العمراني، وتوفير أفضل مستويات للبنية الأساسية والتكنولوجية.
واستطرد رئيس الوزراء: "إضافة إلى ما سبق، يتم بذل جهود غير مسبوقة لتحفيز مستويات أداء عدد من القطاعات الاقتصادية الداعمة لمرونة الاقتصاد المصري، وعلى رأسها قطاعات الزراعة والصناعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بهدف رفع مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي إلى 50% في عام 2030 مقارنة بما يتراوح بين 30 إلى 35% حالياً".
وأضاف: "ففي إطار مستهدفات الدولة لتحقيق أكبر قدر من الأمن الغذائي، قامت الدولة بتنفيذ عدد من المشروعات القومية الكبرى المرتبطة بالزراعة بمفهومها الواسع لزيادة الرقعة الزراعية بأكثر من 4 ملايين فدان، وأسهمت تلك المشروعات في زيادة المساحة المزروعة إلى نحو 10 ملايين فدان، والمساحة المحصولية إلى 17.5 مليون فدان، وتسجيل الصادرات الزراعية الطازجة والمصنعة المصرية لزيادة قياسية في عام 2023، لتسجل نحو 9 مليارات دولار خلال عام 2023 بارتفاع بلغت نسبته نحو 85% مقارنة بمثيلتها المسجلة في عام 2014.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء في كلمته أمام القمة العالمية للحكومات بدبي، إلى أن الدولة المصرية تسعى إلى المزيد من تحفيز وتعميق التصنيع المحلي، ورفع نسبة مساهمة قطاع الصناعة التحويلية في الناتج المحلي الإجمالي إلى 20% خلال عام 2030.
"وذلك من خلال مواصلة العديد من التدابير التي تم تبنيها مؤخراً لتشجيع الاستثمار الصناعي عبر تسهيل عمليات منح الأراضي الصناعية، وتبسيط إجراءات الحصول على الموافقات والتراخيص، والبدء في توطين (152) فرصة استثمارية صناعية، بما يسهم في تعميق الصناعة المحلية".
كما لفت إلى أن مصر تستهدف كذلك - وفي سياق استراتيجية الذكاء الاصطناعي 2030 - زيادة نسبة مساهمة تلك التقنيات لتسهم بنحو8% من الناتج المحلي الإجمالي من خلال دعم القدرات البشرية المتخصصة، وتوفير الأطر القانونية والتنظيمية والمؤسسية المواتية، وتنمية الشراكات الإقليمية والدولية الداعمة.
وأشار رئيس الوزراء إلى صلابة قطاع السياحة في مواجهة الأزمات والتأكيد على الأهمية الاقتصادية المتزايدة لهذا القطاع في الاقتصاد المصري في ظل تفرد وتميز وتنوع المنتج السياحي المصري.
ونوه إلى أن ذلك ساعد في تسارع نمو هذا القطاع ليسجل أعلى وتيرة نمو بين القطاعات الاقتصادية بلغت 28% خلال العام المالي 2022/2023، فيما شهد الربع الأخير من عام 2023 إقبالًا كبيرًا في حركة السياحة الوافدة إلى مصر.
ولفت مدبولي إلى أنه في خضم كافة هذه التطورات، لم يغفل الاقتصاد المصري أهمية تسريع وتيرة التحول باتجاه الاقتصاد الأخضر، منوهاً إلى أنه في سياق حرص جمهوريةِ مصر العربية على الوفاء بالتزاماتها في إطار مواجهة تغيُّرات المُناخ، أطلقت مصر في عام 2022 "الاستراتيجية الوطنية لتغير المُناخ في مصر 2050"، والتي تركز على التقليل من الانبعاثات من جهةٍ، والتعامل مع التغيُّرات المُناخية المُحتَمَلَة من جهةٍ أخرى، بما يشمل مشروعاتٍ في إطار شراكات إقليمية ودولية بقيمة 324 مليار دولار لكلٍّ من برامج التخفيف والتكيُّف مع التغيرات المُناخية.
وأضاف رئيس الوزراء أن الحكومةُ المصريةُ تسعى في سياق التحول نحو الاقتصاد الأخضر إلى رفع مساهمة القدرات المركبة في الشبكة من الطاقة المتجددة إلى 42% في عام 2030 من خلال تنفيذ عدد من الاتفاقيات وبروتوكولات التعاون في قطاع الطاقة المتجددة، وتُركِّز جهودَها في المرحلة الحاليةِ على تنفيذ استراتيجية الهيدروجين الأخضر، بما يُمكِّن من تحويل مصر إلى مركز إقليمي للهيدروجين الأخضر بحلول عام 2026، ومركز عالمي لإنتاج الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030.
وأضاف أن الحكومةُ المصريةُ تولي أهميةً خاصَّة لتمويل الاستثمارات الخضراء؛ حيث تستهدف رفع نسبة الاستثمارات العامة الخضراء بالخطة الاستثمارية لعام 2024/2025 إلى نحو 50% مُوجَّهة بالأساس للإنفاق على مشروعات تتميز بالاستدامة البيئية، وتُسهِم في الحد من الانبعاثات الكربونية.
وخلال كلمته، لفت مصطفى مدبولي إلى أن الاقتصاد المصري وبما يتمتع به من سوق ضخمة وإمكانات واعدة وموارد بشرية متفردة، وقطاعات متنوعة، يوفر العديد من الفرص الاستثمارية الجاذبة للمستثمرين المحليين والأجانب.
وتابع "كما أن الإصلاحات التي تتبناها الدولة المصرية مؤخراً لدعم القطاع الخاص والتي بلغ عددها نحو (144) إصلاحاً - فقط - خلال الفترة (مايو 2022 - سبتمبر2023) تستهدف المزيد من تعزيز جاذبية بيئة الأعمال في مصر وتمكين الاقتصاد المصري من الانطلاق لآفاق أرحب في المستقبل".
للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا
تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام
ترشيحات
رئيس وزراء مصر: نحرص على زيادة معدلات التبادل التجاري مع بلغاريا
الجزار: تم وجار تنفيذ عشرات الآلاف من الوحدات السكنية بمختلف أنواعها في مصر